السبت 28 ديسمبر 2024

روايه المطارد بقلم امل نصر

انت في الصفحة 1 من 74 صفحات

موقع أيام نيوز

المطارد
الفصل الأول بقلم أمل نصر
في بلدة صغيرة في أقصى الصعيد وقريبة من الجبل و ليلة شتاء باردة لدرجة الصقيع ملبدة بالغيوم الكثيفة وموحشة بهذه الأصوات الصادرة من الذئاب الجائعة والباحثة عن طعامها فتجعل من سكان القرية بعد صلاة العشاء مباشرة أسرى منازلهم كما تخلو شوارع القرية تقريبا من المشاه إلا ممن خرج مضطرا.. ملتزمين بحصن منازلهم مهما كانت ضعيفة متهالكة وقديمة أو مصنوعة من الطوب الأخضر ولكن يكفي الدفء الأسري فيها والأمان رغم انه هو الاخر اصبح مهددا بفعل مجموعات من البشر استحلت الحړام وهددت أمن الأمنين!

وهنا في منزل سالم أبو محمد الطيني والمكون من طابقين مثل بقية المنازل في القرية وبداخل غرفتها كانت جالسة على طاولة قديمة صغيرة أعدتها كمكتب لإستذكار دروسها فتاة نحيفة.. عاقدة شعرها الحريري الأسود فوق رأسها وناظرة بعيونها التي تشبه القهوة في اللون إلى الفراغ شاردة فيما شغل عقلها وحيره هذه الأيام يدها تمسك بالقلم تتحرك وترسم دون إرادتها هذه الأعين المجهولة التي تطاردها في صحوها ومنامها بشكل متكرر بدرجة ارعبتها.
لاتدري لماذا وكيف إضافة إلى أنها تجهل صاحبها هي لم تكن أبدا من الفتيات المرهفات الحس و المشاعر ممن يتمنين الدخول في علاقات غرأمية مع الشباب او ممن تتغزل في نجوم السينما و التلفاز الوسيمين فيعلقن صورهم على الحائط ويهمن بهم وبأغانيهم واعمالهم وبرغم طبيعة عملها كممرضة في الوحدة الصحية للقرية رغم انها لم مازالت تدرس في شهادة التمريض ولكن نظرا لجدارتها وتفوقها بالممارسة حصلت على فرصتها بالإضافة لضعف امكانيات القرية وقلة المتعلمين بها.
تختلط يمنى يوميا بالعديد من الأشخاص الغرباء ولكنها لا تسمح لعواطفها أبدا بالتدخل في عملها رغم طيبتها المفرطة واخلاصها الامتناهي في علاجهم.. مما يجعل هذا السؤال المحير يدور برأسها بغير هوادة كيف تحلم بشخص غريب يناجيها ويرجوها بعيناه وكأنه يعرفها وتعرفه وكأنه يعلمها وتعلمه كيف تشعر بألمه كيف تتعلق روحها بمن لم يسبق لها رؤيته اطلاقا على الحقيقة ام انها تهذي وقاربت على الجنون 
يابت ابوكي بيندهلك من فوق مابترديش ليه
أجفلت منتفضة من هذا الصوت الأنثوي الصارم لتكمل المرأة بصياح
ما تردى يازفته سرحانه فى ايه
وضعت يدها على قلبها المرتجف وهى تحدثها 
فى ايه بس يا أمي خضتيني 
هتفت والدتها بوجه عابس
قالتها نجية بتساؤل أربكها عند الرد فلم تدري بماذا تجيبها مع هذ التخبط الذي ينتابها هذه الأيام وبكثرة فخرج صوتها بتلعثم
يعنى هاكون سرحانة في ايه بس ياما عادي.
رددت نجيه خلفها بعدم تصديق 
اممم عادى! طب أخلصىي قومي أعملي كوبايتين شاي وطلعيهم لعمك وأبوكي فوق على السطح.
أومأت برأسها تجيب بطاعة 
حاضر.
صاحت عليها مرة أخرى بحزم
اخلصي يا يمنى! متتأخريش على ابوكي وعمك هو انتي لسة هاتفكري وتتمطعي مكانك 
قايمه اهو على طول يا أمي والله .
فحدثتها يمنى وكأنها شئ ملموس وقالت 
طب أقول لأمي أيه أقولها إني بشوف واحد في منامي مش باين منه غير عنيه وأنا اساسا معرفوش على الحقيقه أكيد هتقول عليا مچنونة ! أكيد!
صعدت يمنى إلى السطح بعدما أعدت الشاي كما طلبت منها والدتها لأبيها وعمها الساهران جالس أمام الڼار التي أشعلها مع أخيه يونس لتعطيهم بعض دفئها وحراراتها ألا يكفى للرجل شقاء النهار في عمله وزراعة الأرض ليحرم من النوم ليلا ويقضي معظمه في حراسة المنزل ايضا!
يمنى تعالى يا بابا.
قال سالم بعد أن أجفل لرؤيتها وهي تتقدم نحوهم فخاطبها ايضا عمها يونس وهو يفرك بيديه أمام الڼار
توك واصله! دا احنا بقالنا فترة مستنين يابنت أخويا.
معلش ياعمي بس والنعمة أنا قومت على طول أول أما قالتلى أمي.
قالتها وهي تناول الاثنان كاساتهم من الشاى
يونس وهو يرتشف من الكوب الزجاجي ويتلذذ بمذاق الشاي
تسلم أيدك يابت يا يمنى كوباية عنب تعمر الدماغ بصحيح.
قال سالم هو الاخر
يونس وهو يتطلع برأسه حولهم في جميع الأنحاء
أومأ سالم برأسه يوافق أخيه الرأى بغصة مريرة في حلقه وقال
انت هتقولي ! يعنى مش كفاية التعالب اللى بتنزل ليلاتى تاكل الطيور من داخل بيوتنا كمان يطلعلنا أولاد الحړام دول ويسرقوا البهايم إللى ساترانا أحنا وعيالنا! منهم لله حرموا علينا النومة في قلب بيوتنا.
جلست يمنى بجوارهم أمام الڼار تستمع بتركيز وأكمل يونس.
امال لو تعرف أني سمعت من جماعة صحابى من يجى يومين كده أنهم شافوا ديب نازل من الجبل.

يانهار أسود دا تلاقيه جاع وملاقاش أكل في منطقته
استرها
 

انت في الصفحة 1 من 74 صفحات